الشروق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشروق

الاصالة.......الفن.......الابداع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من هو المتنبئ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبوعمار
عضو نشيط
عضو نشيط



عدد الرسائل : 31
نقاط : 49
تاريخ التسجيل : 07/07/2008

من هو المتنبئ Empty
مُساهمةموضوع: من هو المتنبئ   من هو المتنبئ I_icon_minitimeالسبت يناير 03, 2009 9:37 am

المقدمة

كفى العربية فخرا شامخا وعزا ساميا أن تنجب هذه الشخصية الفريدة في ‏فكرنا العربي. ولا أحسب شاعرا عربيا كان يمكن أن يكون في هذا العصر أبعد ‏صرخة وأكثر حماسة وأورى زندا من هذا الشاعر. وقد لا أعدو الصواب إذا قلت ‏أن المتنبي أغزر الشعراء فضلا وأوسعهم شهرة وأعلاهم منزلة، فقد رفع شأن ‏الشعر العربي وأحله مرتبة لم تكن له من قبل، وحمل الراية عاليا، وفتح للشعراء ‏طرائق الخلد، وسن لهم سنن المجد. وبذلك تبوأ مكانة رفيعة ومنزلة سامية، مما ‏دفعنا إلى الإعجاب بعبقريته والافتتان بشعره. ‏
ولد الشاعر الحكيم أبو الطيب المتنبي في محلة كندة بالكوفة . وقد أجمع الرواة أن ‏تاريخ مولده هو سنة 303 هـ. ذكره ابن خلكان في تاريخه فقال: أبو الطيب ‏أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي المعروف ‏بالمتنبي الشاعر المشهور، وقيل هو أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار والله ‏أعلم . وقال عنه ابن رشيق في كتابه العمدة: إنه مالئ الدنيا وشاغل الناس ذلك هو ‏أحمد بن الحسين الملقب بأبي الطيب المتنبي) .‏
المتنبي
ومهما يكن فهو عربي الأصل، نشأ في أسرة فقيرة، ويعرف أبوه بعبدان السقاء ‏كان عمله سقاية الماء في محلة كندة، وقد أرسله حين درج إلى مدارس العلويين ‏في الكوفة ليتعلم فيها القراءة والكتابة مع فريق من أولاد أشراف العلويين. وأخذ ‏يختلف على دكاكين الوراقين لمطالعة بعض الكتب والكراريس، وكانت هذه ‏الحوانيت منتدى للأدب، يقصدها العلماء والأدباء والباحثون، فلا بد أنه كان يلقى ‏فيها كثيرا منهم ويتصل بهم. وطبيعي أن تلك الحوانيت هي التي مهدت للمتنبي ‏ثقافته الأولى، ساعده على ذلك ذكاؤه الحاد، ويروى عنه أنه كان قوي الذاكرة، ‏سريع الحفظ. وأنه ذهب إلى البادية وأقام فيها سنتين لتقويم لسانه وتعلم اللغة. ‏ويبدو أنه سافر لهذه الغاية عندما أغار القرامطة على الكوفة سنة 312هـ، ‏وغادرها ثانية سنة 319هـ مع كثير من أهلها لعودة القرامطة إليها بعد ‏انتصارهم على جيوش الخلافة. ويحدثنا الرواة أنه خرج إلى بادية بني كلب. فأقام ‏بينهم مدة ينشدهم من شعره ويأخذ عنهم اللغة، فعظم شأنه بينهم، حتى وشى ‏بعضهم إلى لؤلؤ أمير حمص من قبل الإخشيدية بأن أبا الطيب ادعى النبوة في ‏بني كلب وتبعه منهم خلق كثير، ويخشى على ملك الشام منه، فخرج لؤلؤ إلى بني ‏كلب وحاربهم وقبض على المتنبي وسجنه طويلا ثم استتابه وأطلقه . ونحن لا ‏ندري على وجه التحقيق لم ذهب المتنبي إلى البادية، هل ذهب إلى هناك ليتقن ‏اللغة، أم أن أباه اضطر إلى الهرب من الكوفة واللجوء إلى الصحراء نتيجة ‏للحوادث السياسية والاضطرابات التي كانت تتعرض الكوفة آنذاك!! فنحن نعلم أن ‏الكوفة كانت عرضة لهجمات القرامطة الذين أقاموا لهم حكومة في البحرين، وكان ‏النزاع بين رئيسهم أبي طاهر وبين الخلافة العباسية شديدا، فقد هاجم أبو طاهر ‏البصرة سنة 311هـ، وقطع طريق الحج وسلب الحجاج العائدين من مكة سنة ‏‏312هـ. ‏
وفي السنة نفسها قطع طريق الحجاج العراقيين الذاهبين إلى مكة، واغتنم فرصة ‏الذعر الذي استولى على العراقيين، فدخل الكوفة ونهبها وضربها ثم عاد إلى ‏البحرين. فلعل هجرة والد أبي الطيب إلى البادية كان نتيجة لهذا الذعر الذي لحق ‏الكوفيين. ومهما يكن من سبب هذه الهجرة إلى البادية، فإننا نعلم أن والده استقر ‏به في بادية السماوة عند بني الصابي، وهم فرع من جشم بن همدان أخواله، ‏ومكث سنتين في بادية السماوة، ويبدو أن القرمطية اجتذبت في بدء ظهورها ‏أنصارا لها من أوساط البدو المتحمسين. ولعل تلك الدعوة تناولت القبائل كافة ، ‏مما حمل الدكتور ر. بلاشير على الاعتقاد بأنه لقي بعض القرامطة فتأثر بهم، فإن ‏لم يتأثر بالدعوة القرمطية فليس بمستبعد أن يكون أصابه الاضطراب من جراء ‏المأساة التي قلبت أوضاع الخلافة ويتابعه في هذا الرأي الدكتور طه حسين إذ ‏قال: إن المتنبي قد أصبح قرمطيا من أثر بقائه في البادية، إذ أن القرامطة منذ ‏ظهروا كانوا يجدون في بادية الشام حماسة للدعوة، فهو تأثر بهم أو أنه أصبح ‏داعية من دعاتهم، وأنه طمع في أن يستهوي (بدر بن عمار أمير طبريا) إلى ‏قرمطيته القديمة ‏

شعره: ‏
‏ ‏
يعتبر المتنيي أكبر شعراء العربية، وقد ذاع شعره في الآفاق لما فيه من الحكمة ‏والتجارب الصادقة، مع قدرة عجيبة على التعبير، حتى قال عن شعره مخاطبا ‏سيف ا لدولة: ‏
و ما الدهر إلا من رواة قصائدي ‏
‏ إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا ‏
أجزني إذا أنشدت شــعرا فإنما
‏ بشــعري أتاك المادحون مرددا ‏
و دع كل صوت غير صوتي فإنني ‏
‏ أنا الطائـر المحكي والآخر الصدى ‏
‏ وقال أيضا: ‏
‏ أنا الذي نظر الأعمـى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صَمَم ‏
‏ أنام مِلْءَ جفوني عن شـواردها ‏
‏ ويسهر القومُ جرَّاها ويَخْتَصِم‏
ويقول ابن رشيق صاحب كتاب (العمدة) بعد أن استعرض حال الشعر والشعراء ‏قبل المتنبي: (ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس). ‏
وهناك عوامل كثيرة أدت إلى تفوق المتنبي في الشعر، منها: نشأته العربية ‏الأعرابية، وذكاؤه المفرط، وحفظه لعيون الشعر العربي، ثم نفسه الأبية، وطموحه ‏الذي لا يبارى، ثم ما اكتسبه في حياته من تجارب، وما تقلب فيه من أحوال ‏وأهوال. ‏
وقد استطاع أن يجمع بين عمق المعاني وبين سلاسة الشعر وجمال التركيب، ‏فجاءت الحكمة في شعره وقد لبست ثوب الشعر فحفظها الناس وردتها الأجيال ‏العربية على مر العصور. ‏
وفي بعض شعره مبالغة غير مقبولة وشيء من الشذوذ اللغوي، لكن ذلك لا ينقص ‏من قدره وإن حاول أعداؤه وحساده تضخيم عيوب شعره وإبرازها.‏
‏ ‏
‏ ‏
المديح: ‏
أغلب شعر المتنبي في المديح، فقد عاش متنقلا بين أمراء الدولة الإسلامية يمدحهم ‏وينال من عطائهم لكنه لم يكن ليذل نفسه بل كان يرى أنه من الملوك وإن كان ‏لسانه من الشعراء. ‏
وفُؤادي مــن الملوك وإنْ ‏
‏ كان لساني يرى من الشعراء ‏
‏ هو يكثر في المديح من الحديث عن شجاعة الممدوح وكرمه وأصالته. وأعظم ‏مدائحه ما قاله في سيف الدولة الحمداني، ولا غرابة في ذلك. فقد كان الحمداني ‏بطلاً شجاعًاَ كريماً أصيلاً، فأعجب المتنبي به ورأى فيه صورة نفسه، فكان ‏مديحه له نابعاً من الأعماق متصفا بالصدق والإخلاص. ‏
ويلاحظ أن المتنبي يخلط الرثاء بالفخر، ويأتي فيه بالحكمة المستمدة من تجارب ‏الحياة. ‏
كما أن له قصيدة جميلة في وصف شعب بوان الذي مر به وهو ذاهب إلى عضد ‏الدولة: ‏
مَغَانِي الشِّعْب طِيْبَاً في المغاني ‏
‏ بمنزلة الربيع من الزمــان ‏
ولكنً الفتَى العَرَبيَّ فيــها ‏
‏ غَريْبُ الوجه واليد واللسان ‏
مَلاَعِبُ جِنَّةٍ لو سارَ فيــها ‏
‏ سليمان لســـار بترجمان ‏
شعر المتنبي منبع من منابع الحكمة، وقد استمد حكمه من تجاربه في الحياة وكذلك ‏من ثقافته العميقة. ‏

عاد المتنبي إلى الكوفة ، ورجح بعض الباحثين أن ذلك كان سنة 315هـ، ‏واستقر في الكوفة ، ولا نعلم على وجه التحقيق كيف قضى المتنبي حياته في ‏الكوفة بعد عودته إليها، وكل الذي نعلمه أنه اتصل بشخص يعرف أبو الفضل ‏الكوفي، وأبو الفضل هذا رجل قد ثقف الفلسفة. يقول صاحب الخزانة: إن أبا ‏الطيب وقع في صغره إلى واحد يكنى أبا الفضل بالكوفة من المتفلسفة فهوسه ‏وأضله كما ضل . ولا ندري إذا كان أبو الطيب قد درس عليه الفلسفة حقا! وكل ‏الذي نعلمه أن صاحب الوساطة يذكر لنا شعره الذي تأثر فيه بالفلسفة اليونانية، ‏فهل كان ذلك لأنه درس الفلسفة، أو كان من أثر هذه الآراء العامة التي كانت ‏شائعة بين المثقفين في ذلك العصر‍! ونحن أميل إلى الاعتقاد الثاني، فدراسة ‏الفلسفة لا بد أن تكون قد تركت لها آثارا على شعره. وقد مدح أبو الطيب أبا ‏الفضل بقصيدة غريبة فيها أبيات تلفت النظر أنها في الحقيقة تحوي آراء هي التي ‏حملت بعض الباحثين على القول باعتناق المتنبي لمذهب القرامطة. ولكن ناشر ‏ديوان المتنبي يقول عنها إن المتنبي إنما قالها ليمتحن عقب أبي الفضل، وكلا ‏التفسيرين يجانبان الواقع، فنحن نعتقد أن المتنبي إنما ذكر هذه الصفات وهذه ‏الآراء ليفخم بممدوحه، وأن المتنبي لم ير بأسا في مدح من يعتنق هذه المبادئ ‏فيقول مثلا:‏
يا أيها الملك المصفى جوهرًا
من ذات ذي الملكوت أسمى من سما
نور تظافر فيك لاهوتيّه
فتكاد تعلم علم ما لم يعلما
ويهم فيك إذا نطقت فصاحة
من كل عضو منك أن يتكلما‏
أنا مبصر وأظن أني نائم
من كان يحلم بالإله فأحلما
كبر العيان عليَّ حتى أنه
صار اليقين من العيان توهما
‏ ‏



المتنبي وعزمة على الثورة


لقد تصبرت حتى لات مصطبر فاليوم أقحم حتى لات مقتحم ‏
لأتركنَّ وجوه الخيل ساهمة والحرب أقوم من ساق على قدم ‏
والطعن يحرقها والزجـر يقلقها حتى كـأن بها ضربا من اللمم ‏
قد كلمتها العوالي فهي كالحة كأنما الصاب معصوب على اللجم ‏
بكل منصلت ما زال منتظري حتى أدلت له من دولة الخدم ‏
شيخ يرى الصلوات الخمس نافلة ويستحل دم الحجاج في الحرم ‏

إن تلك الأبيات التي يصرح فيها أبو الطيب عن عزمه على الثورة ‏واستعانته بشيخ لا يتردد عن سفك دم الحجاج في الحرم، ويرى الصلاة نافلة تدل ‏بصراحة على أن ثورته كانت ذات وجه ديني، وهذا يحقق لنا قوة ادعاء المتنبي ‏للنبوة، فالمتنبي لم يكن كاذبا حين أنكر أنه لم يدع النبوة، أي إنه لم ير أن يكون ‏نبيا كمحمد ولكنه قام بحركة ذات فكرة دينية، فهو لم يكن طبقي الفكر، ولكنه أراد ‏أن يتزعم حركة دينية تحقق له مطامحه متأثرا بآراء القرامطة من غير شك، ففشل ‏فيها وسجن ولقب بعد سجنه بالمتنبي. وقد أبدى في سجنه صبرا، فهو يقول ‏مخاطبا سجانه أبا دلف: ‏
أهون بطول الثواء والتلف والسجن والقيد يا أبا دلف ‏
غير اختيار قبلت برَّك بي والجوع يرضي الأسود بالجيف ‏
كن أيها السجن كيف شئت فقد وطنت للموت نفس معترف ‏
لو كان سكناي فيك منقصة لم يكن الدر ساكن الصدف ‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من هو المتنبئ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشروق :: القسم العام :: المنتدي العام-
انتقل الى: